محيى الدين صديق محترف
عدد الرسائل : 662 تاريخ التسجيل : 08/12/2008
| موضوع: ...البحث عن وردة الصقيع...صلاح عبد الصبور السبت يناير 10, 2009 5:35 pm | |
| البحث عن وردة الصقيع
أبحث عنك في ملاءة المساء أراك كالنجوم عارية نائمة مبعثرة مشوقة للوصل و المسامرة و الاقتراح الخمر و الغناء و حينما تهتز أجفاني و تفلتين من شِباك رؤيتي النحسرة تذوين بين الأرض و السماء و يسقط الإعياء منهمرا كالمطرة على هشيم نفسي الذابلة المنكسرة كأنه الإغماء أبحث عنك في مقاهي آخر المساء, و المطاعم أراكِ تجلسين جلسة النداء الباسم ضاحكة مستبشرة و عندما تهتز أجفاني و تفلتين من خيوط الوهم و الدعاء تذوين بين النور و الزجاج و يقفر المقعد و المائدة الهباء و يصبح المكان خاويا و معتما كأنه صحراء أبحث عنكِ في العطور القلقة كأنها تُطل من نوافذ الثياب أبحث عنكِ في الخطى المفارقة يقودها إلى لا شىء, لا مكان وهم الانتظار و الحضور و الغياب أبحث عنكِ في معاطف الشتاء إذ تُلف و تصبح الأجسام في الظلام تورية ملفوفة أو نصبا من الرصاص و الرخام و في الذراعين اللتين تكشفان عن منابت الزغَب حين يهل الصيف ترتجلان الحركات الملغزة و تعبثان في همود الموت و السموم و الزحام حتى يدور العام أبحث عنكِ في مفارق الطرق واقفة, ذاهلةً, في لحظة التجلي منصوبةً كخيمة من الحرير يهزها نسيم صيفٍ دافىء أو ريح صبحٍ غائمٍ مبلل مطير فترتخي حبالها حتى تميل في انكشافها على سواد ظلِّيَ الأسير و يبتدي لينتهي حوارنا القصير أبحث عنكِ في مرايا علب المساء و المصاعد أبحثُ عنكِ في زحام الهمهمات معقودة ملتفة في أسقف المساجد أبحثُ عنكِ في المتاجر أبحث عنك في محطات القطار و المعابر في الكتب الصفراء و البيضاء و المحابر و في حدائق الأطفال, و المقابر أنظرُ في عيون الناس جامدَ الأحداق كأنني أسألُ كلَّ عابر آوي إلى بيتيَ في الليل الأخير أنتظر انبثاقك_البغتة_كالحقيقة أيتها السفينة الوهمية المسار يا وردة الصقيع أيتها العاصفة المُحكمة الإسار خلف فصول الزمن الدرار حتى إذا طال انتظاريَ المرير شربت كأس الخمر و الدوار كأنني أقبِّل الدموع في خدود الكأس قطرةً, فقطرةً كأنني ألتذُّ باليأس و الانكسار و أورق اليقينُ أن مستحيلا قاطعا كالسيف لقاؤُنا إلا للمحةٍ من طرف | |
|